منذ بداية العدوان على لبنان، كان من الواضح أن من بين الأهداف الإسرائيلية السعي إلى إشعال فتنة داخلية، خصوصاً في ظل تداعيات أزمة النزوح، التي أثبتت السلطات الرسمية أنها عاجزة عن التعامل معها بالشكل المطلوب، حيث برزت الشائعات التي تناولت النازحين ومراكز الإيواء، منذ اليوم الأول، قبل أن تدخل عليها مجموعة من المعطيات الأخرى، التي لا تقل خطورة.
إنطلاقاً من ذلك، ليس تفصيلاً تحذير وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو من "خطر إندلاع حرب أهليّة وشيكة" في لبنان، الأمر الذي يتماهى مع مجوعة واسعة من التحذيرات التي عبّرت عنها العديد من القيادات المحلية، لا سيما في ظلّ ما كانت السنوات الماضية قد تركته من توترات على المستوى المحلي.
في هذا السياق، تشدد مصادر أمنية، عبر "النشرة"، على أن الأجهزة العسكرية والأمنية تتابع كل تفصيل يذكر، خصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي، وتؤكد أن السعي إلى إشعال توترات داخلية هدف إسرائيلي دون أدنى شك، لكنها تلفت إلى وجود جهوزية تامة للتعامل مع أي تطور، وتضيف: "هذا الأمر موضع متابعة من قبل مختلف الأجهزة منذ اليوم الأول، لا سيّما أن الجانب الإسرائيلي أظهر رغبة واضحة في اللعب على هذا الوتر".
هنا، تذهب مصادر سيّاسية، عبر "النشرة"، إلى طرح مجموعة من المؤشرات، أبرزها تكرار الحديث الإسرائيلي عن أن الحرب هي مع "حزب الله" لا مع الشعب اللبناني، بالإضافة إلى الدعوات التي توجه إلى اللبنانيين، من قبل بعض الناشطين الإسرائيلين، من أجل التحرك في وجه الحزب، من دون تجاهل الشائعات التي تطال مراكز النزوح، كالحديث عن وجود أسلحة أو مسلحين داخلها.
في هذا الإطار، قد يظنّ الكثيرون أنّ هذا المسعى قد تراجع، في الآونة الماضية، على إعتبار أنّ غالبية المواطنين أظهروا تعاطفاً مع النازحين، وبالتالي ليس هناك ما يدعو إلى القلق على هذا الصعيد، إلا أن الصورة الحقيقية لا تبدو على هذا الشكل، نظراً إلى أن هذه الورقة لا يزال يطمح الإسرائيلي إلى إستخدامها.
في هذا المجال، تلفت المصادر نفسها إلى التصعيد الإسرائيلي في العمليات العسكرية التي تطال أهدافا أمنية، حيث تشير إلى أنها من ناحية تظهر الوجه الإجرامي الذي يهدف إلى التدمير والتهجير فقط، لكن من ناحية أخرى هو يعبر عن رغبة في رفع مستوى ضغوط أزمة النزوح، من خلال دفع المزيد من المواطنين إلى ترك منازلهم، كمثل الغارات التي وقعت أول من أمس في منطقتي الأوزاعي والجناح، بالإضافة إلى تحريض بيئة "حزب الله" ضده.
بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا كان الهدف أيضاً من الضربات التي طالت مراكز القرض الحسن، في الأيام الماضية، بالتزامن مع موجة شائعات طالت ودائع المواطنين، حيث تشير إلى أنّ العمل، في ظلّ الحديث عن رفض "حزب الله" التفاوض تحت النار مقابل الإصرار الإسرائيلي على ذلك، يبقى على جبهتين: الأولى السعي إلى إشعال فتنة داخليّة، أما الثانية فهي العمل على تحريض بيئة الحزب ضده، وهو ما ترجح أن يتظهر أكثر في الأيام المقبلة.
في المحصلة، تعود المصادر الأمنية إلى التشديد على أنها تقوم بكل الإجراءات اللازمة في هذا المجال، لكنها تشدّد على وجود مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المواطنين، حيث المطلوب عدم التماهي مع أيّ دعوات تصب في هذا الإطار، بالإضافة إلى التبليغ عن أيّ أمر مشكوك به، لا سيما أنّ كافة الأجهزة لم ولن تتأخر في التعامل مع أي بلاغ بهذا الشأن.